خـــــــــــدمات الأعضــــــــــــاء

العودة   ملتقى النخبة > النخبة 2011 > سواليف أدبــاء
.::||[ آخر المشاركات ]||::.
 

إضافة رد
 
 
LinkBack أدوات الموضوع
  المشاركة رقم: 1  
قديم 31 / 05 / 2023, 52 : 08 AM
الصورة الرمزية SALMAN
مؤسس الموقع
المنتدى : سواليف أدبــاء
تاريخ التسجيل العضوية الدولة المشاركات بمعدل المواضيع الردود معدل التقييم نقاط التقييم قوة التقييم
14 / 03 / 2005 1 المكتبة 7,614 1.06 يوميا 392 10 SALMAN is on a distinguished road
SALMAN غير متصل

صدمة حضارية

صدمة حضارية
https://www.al-jazirah.com/2023/20230526/cm10.htm
حين ولدت مريم لم تكن تعرف أن هناك مكاناً آخر غير قريتها، ظنت أن الكون هو هذا فقط، لم تر أبعد من سلسلة الجبال التي تطوّق مكان عيشها، كانت تظن أن القرية هي كل ما تملك وكل ما يتوفر بداخلها هو أيضًا خارجها حين سمعت وأول ما سمعت كلمة مدينة، طرأ لها بأنها رُبما تكون أكلة من صنع جدتها أو رُبما ثمرة أو سيارة أو طيارة ثم أصبحت المدينة فيما بعد حلمها المستحيل حلمها البعيد، كانت تُربي الحلم كمعزتها الصغيرة ميمي، كانت تربت عليه تغذيه بخيالها، وتعلق عليه آمالها كانت تريد أن تكون في المدينة أن تتعلّم المدينة أن تسير في شوارع المدينة الشوارع الملساء الناعمة، تريد أن تقرأ وتكتب وتصبح طبيبة بيطرية، لتعالج كل حيوانات القرية لكي تكون فزاعة رعب في وجه الموت لكي يرحل عنهم الخوف من المرض، ولكن بعد خروجها بعدة سنوات للقاء حلمها، لاحتضانه، للعيش فيه لم تحتمل كل ما رأت، وضربة العالم كانت قاسية عليها، راحت عيناها تهربان من وإلى كل الاتجاهات وهي تلتصق بالجدار كالطفلة الضائعة، أين المدينة؟ وشوارع المدينة؟ وحضارة المدينة؟

لا إن هذا العالم سينتهي حتماً إلى الجحيم، هذا الكفر الذي تراه، تشمه، تُحسه في المكان ظل يُعذبها كل ما تراه غريباً عنها، مخيفاً لها تصرخ خارج رغبتها، خارج جلدها وتبكي وتنعت الفتيات بالكافرات الأجانب وتنعت الفتيان بأشباه الذكور.

ثم تتساءل بدهشة والخوف يكسو جلدها بطبقة محببة تشبه جلد الدجاج تسحب كم أمها المتخيلة، تعود الطفلة الصغيرة، تعود لتعرف الجواب تهمس في أذنها بصوت فضولي

ماذا يفعلن الأجانب في المدينة؟

ثم لماذا يرتدين عباءات قصيرة، مفتوحة، تلمع كما ذلك الحلق المُعلق في سُراتهن؟

لماذا تلك السراويل المتقطعة ورؤوسهن كأسنمة البخت؟

يصلها صوت الأم كصدى بارد، يصلها ليكشط الطريق، ليريها ما كانت تظن بأنها تعرفه، ولكنهم ليسوا أجانب، بل عرب مثلنا

ولغتهم لغتنا، وثيابهم كانت كثيابنا ولكنها الحياة، تجرد من يريد أن يتجرد من حشمته، وهذا لأن الجسد يشتهي أن يُرى يرغب في المزيد من الكلام، يرغب في أن يُلمس، يرغب في الحب، صمتت الطفلة وتساءلت من جديد، وهي تمص طرف قميصها دون أن تشعر، ولعابها يسيل ليكون بقعة دائرية تكبر كلما كثرت أسئلتها، ولكن ماذا يجنين من كل هذا؟

ألا يرى المرء بأن الجسد زائل!

وشهوة الجسد يغذيها الشيطان!

وأن الروح أبقى وأنقى؟

ألا يرى المرء بأن الحياة عبور لا أكثر!

وأن سنوات يقضيها الإنسان هُنا في مُتع تبور!

تحرمه من لذة الأبدية؟ لأيام حملت الخوف في معدتها مما منعها عن الطعام والقلق في رأسها يمنعها عن النوم في بلاد الكفر لم تعد تريد أن تعالج أحداً ستمضي لتعالج روحها مما رأت.

عادت مريم.. عادت وهي تحمل بين يديها خيالها المقتول، حلمها الذي كان، عادت تتسلق السور نحو قريتها البدائية، وسريرها الحديدي الأبيض عادت إلى ملاءتها الخضراء وهو لونها المفضل حتى تشعر وكأنها تنام في غابة أو حديقة لكن تلك الليلة، لم تكن لتنام أيضاً وهي تعلم بأن في الخارج ما هو أكثر حُرمة من أن يُقال وقد سُكت عنه ودُحض خلف السور الكبير هذا الضعف ظل يتآكل بداخلها كالفاكهة المتعفنة وهي تعرف في قرارة نفسها بأن أطفال القرية.

جميعهم يحملون تلك الفاكهة الغضة والتي ما إن تُصبها أزمة الحداثة حتى تتعفن لا تُسقى ولا تتشرّب العالم برفق هم هؤلاء إن خرجوا بغتة سيصابون بما أصاب مريم وإما أن يُهلكوا وتعجنهم حياة المدينة حتى يغرقوا بها أو يقفون جانباً كمريم لأن الوقت قد انتهى وأن المعركة في هذه المرحلة من التقدم.

لم تعد تنفع أحد، ويُصاب فيها المرء يُصاب في حواسه، يُصاب في روحه، ولا يعود أبداً ليعرف أين ومتى وكيف ولماذا؟

** **

- علا الحوفان







توقيع : SALMAN
إذا خسرناك عضو فلا تجعلنا نخسرك زائر


الإرادة بركان لا تنبت على فوهته أعشاب التردد

حيــــــــــــــــــــــــــــــاكم الله في حسابي على تويتر :
SALMANR2012@
Digg this Post!Add Post to del.icio.usBookmark Post in TechnoratiTweet this Post!
رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
 
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 33 : 12 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.5.2 TranZ By Almuhajir
ملتقى النخبة 2005