كل من التقيه من الأصدقاء والأقارب والزملاء يؤكدون لي أنهم يشتكون بل يعانون من (أزمة نوم) خانقة أو كما يقولون باللغة الشعبية الدارجة (قلة نوم)!!
جميعهم بما فيهم (العبد لله) كاتب هذه الحروف نعيش أزمة نوم حقيقية ولا أدري هل هذه المشكلة الجماعية مشكلة نفسية أم أن للطقس المتقلب عندنا دوراً في ذلك!!
البعض يعزو هذه المعاناة مع النوم إلى ضغوط الحياة المختلفة أو إلى الهموم والتفكير في المستقبل المجهول وأنا أقول ان نمطية الغذاء وظهور (العولمة) وتوابعها بدءاً بالدش وانتهاء بالانترنت قد كان لها أي العولمة دور في هذه (اللخبطة) أقصد لخبطة النوم ومعاناة الاغلبية معه التي أصبحت أشبه ب(الظاهرة) أو تشكل ظاهرة في أيامنا هذه!!
لا أقول إن أيامنا في عصرنا هذا قد تغيرت بل الصحيح والأكيد أننا نحن الذين تغيرنا وليست الأيام لأن الأيام لا تتغير ولا دخل لها بل ان البشر هم الذين تغيروا في كل شيء!!
لقد حولنا الأيام إلى أشبه بصومعة من الضوضاء والقلق والهموم والكوابيس والأحلام المفزعة بسبب تفكيرنا المستمر بدلاً من أن تكون أيامنا بسيطة وعادية كما كان في الماضي القريب لا البعيد نعم لقد اصبنا بالكسل ولم يعد للحركة والرياضة قاموس في حياتنا والأهم من ذلك هو تقصيرنا نحو العبادة لخالقنا الذي هو أهم الأسباب في هروب النوم من عيوننا لأن بعضنا ان لم يكن اغلبنا لا يؤدي صلاة الفجر جماعة في المسجد لأنه لو نظم الإنسان مواعيده ووقته لنام في الليل وبعد صلاة الفجر أو ما يسمونها ب(الصفرة)!!
أيضاً هناك سؤال يطرح نفسه وهو كم عدد الذين ينامون بعد تناول الغداء حتى لو كان ذلك لمدة ساعة فكيف سيؤثر هذا الوضع عليهم في نومهم ليلاً وهؤلاء هم النسبة الأكبر الذين يشتكون من عدم النوم!!
اني اتذكر في هذا الأمر أنني إذا كنت في رحلة برية مع الأصدقاء هو أنني ألغي حياتي اليومية العادية وأتحول إلى حياة الصحراء بقسوتها وحلاوتها أيضاً.
لقد كنت أبذل جهوداً غير عادية وأمارس رياضة المشي طوال النهار لدرجة أنه إذا حل الليل وأسدل إزاره حنيت إلى (فراش النوم) في خيمة الصحراء الجميلة اني أشعر في تلك اللحظات بالسعادة وأن النوم المفقود طوال الأيام عاد إلى مقلتي ومن هنا ومن هذه التجربة اعتقد بل اجزم أننا لو نظمنا حياتنا وبذلنا مجهوداً لياقياً كل يوم وتركنا نوم النهار الخادع وأكثرنا من الحركة والمشي وأهم من كل هذا وذاك هو تأدية الفروض الخمسة في وقتها وتخلصنا من نوعية ونمطية غذائنا اليومي الذي يعتمد على (الكبسة) وغالباً (المفاطيح) في الظهر والليل والتي كانت سبباً في اصابة معظم الناس بأمراض العصر المتفشية مثل القلب والسكر والضغط والفشل الكلوي أقول لو تخلصنا من كل ذلك أجزم أن النوم سيعود إلى عيوننا بعد أن فقدناه طويلاً وهنا أخالف الشاعر والراحلة أم كلثوم حين قالت :
فما أطال النوم عمراً
ولا قصر في الأعمار طول السهر
وأقول (ما دمر الاجساد الا طول السهر ولا سعادة بلا نوم طول العمر)!!

عبد الله الكثيري