السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

من هو العدو .. الذي لابد أن نعرفه؟!
من الاحاديث المتداولة عن سيد الخلق محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم انه خاطب اتباعه بقوله: »اطلبوا العلم ولو في الصين« وهناك قول مأثور يقول: »من تعلم لغة قوم أمن شرهم« وفي الشعارات القومية في الستينات هناك شعار يقول »اعرف عدوك« وكانت وسائل الاعلام الناصرية تذيع الكثير من البرامج حول هذا الموضوع!
ولكن كل ذلك لم يطبق عمليا, فالذي يتحدث العبرية تحوم حوله الشكوك لانه يتعامل مع الموساد او انه يستمع الى الاذاعة الاسرائيلية او انه يقرأ الصحف الاسرائيلية!
وهناك قلة قليلة من المفكرين العرب اطلعوا على المؤلفات الاسرائيلية, وغالبيتهم يعتبر المؤلفات الاسرائيلية عبارة عن اتصال بينهم وبين العدو, فيمتنعون عن قراءة اي مؤلف اسرائيلي مهما كان.. رغم ان هناك الكثير من المؤلفات الاسرائيلية مترجمة الى عدة لغات من بينها العربية!
ولن يجرؤ اي مسؤول عربي او مفكر أو اكاديمي ان يقول انني قرأت لشاعر اسرائيلي واعجبت بشعره او انني استمعت الى المطربة الاسرائيلية من اصل يمني عفراء هزاع ويعجبني صوتها او اغانيها«
شارون لايرى عيبا في ان يقرأ لكتاب وشعراء فلسطينيين وعندما سئل في صحيفة »معاريف« الاسرائيلية قبل ايام ان كان يقرأ مثلا للكاتب الاسرائيلي مئير شليف المعروف بعدائه الشديد لسياسة شارون, فأجاب نعم اقرأ له واحب كتاباته لادخل للموقف السياسي بالابداع. انا اقرأ لمحمود درويش ايضا وديوانه الاخير مثير للاعجاب بشكل خاص, وأنا أحسده واحسد الفلسطينيين على علاقتهم الوجدانية بالارض هذه العلاقة يعبر عنها درويش بشكل كبير في قصائده!
باراك رئيس الوزراء السابق هو الآخر صرح ذات مرة انه يستمع باستمرار الى الاغاني العربية ويحن بشكل خاص لاغاني ام كلثوم وعبدالحليم حافظ.. بنيامين بن اليعيزر وهو عراقي الاصل يحب اغاني فريد الاطرش!
هناك الكثير من اعمال المبدعين الفلسطينيين والعرب ترجمت الى العبرية وهي موجودة في المكتبات في اسرائيل مثل سميح القاسم ونجيب محفوظ ويوسف ادريس وميخائيل نعيمه وجبران خليل جبران ونزار قباني. كما ان قسما من مؤلفات هؤلاء المبدعين يدرس في المدارس الثانوية والجامعات الاسرائيلية!
والمضحك اننا نحن الذين رفعنا شعار »اعرف عدوك« ومنعنا دخول اي كتاب او رواية اسرائيلية حتى نعرفه!!
في معارض الكتاب التي تقام هنا وهناك في بعض البلدان العربية يمنع عرض اي كتاب لمؤلف اسرائيلي .. في مهرجانات السينما نمنع دخول الافلام والتمثيليات الاسرائيلية, في اذاعاتنا نمنع بث اي اغنية اسرائيلية, ثم نرفع شعار »اعرف عدوك«.. طيب كيف نتعرف عليه, وكل شيء ممنوع والذي يحمل مؤلفا اسرائيليا يقاد الى أمن الدولة للتحقيق معه!
قبل حرب 67 كان الاعلام الناصري يذيع التمثيليات عبر صوت العرب واذاعة القاهرة, وكانت هذه التمثيليات تصور الجندي الاسرائيلي بانه جبان, وخائف, وذليل وبخيل, وغير مقاتل ولقد ترسخت هذه المعلومات لدى الجندي المصري, الذي شعر بالصدمة اثناء القتال في حرب 67 عندما شاهد الجندي الاسرائيلي يقاتل بشراسة على غير ماصوره له الاعلام الناصري!
انني لا ادعو الى التطبيع مع اسرائيل, ولا احرض العرب على الاعتراف باسرائيل ان هذا امر متروك لشأن الظروف, و»خارطة الطريق« وضحت معالم المستقبل بين الفلسطينيين واسرائيل.
وبعض القادة العرب قد ربطوا الاحزمة استعدادا للقاء شارون وكل واحد فيهم يريد ان يكون الاول الذي يحظى بمصافحته قبل غيره. ولاتصدقوا احدا منهم عندما يقول اننا سنكون آخر دولة تقيم علاقة مع اسرائيل!
»اعرف عدوك«, هل مازال هذا الشعار تجري الدماء في عروقه. ان كان ذلك صحيحا فمن هو العدو الحقيقي? على الشعوب العربية المتلهفة للاصلاح في بلدانها ان تجيب على هذا السؤال!!
*

نقلا عن جريدة " السياسة" الكويتية